Thursday, November 7, 2013

خاطرة قرآنية (3) (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا)



من فضلكم إذا أسند إليكم مهمة لتوفر شروطها الأساسية فيكم فلا تبخلوا على أنفسكم وعلى أصدقائكم الذين يتوفر فيهم بعض الشروط التكميلية والتي لا تتوفر فيكم أن تستشيروهم وتطلبوا مساعدتهم ومصاحبتهم وانضمامهم، فموسى عليه الصلاة والسلام توفر فيه الشروط الأساسية والمتطلبات الضرورية للرسالة والنبوة والذهاب إلى فرعون، ولكنه لاحظ أن بعض الشروط التكميلية غير متوفرة فيه فسأل الله صحبة أخيه هارون (وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردئا يصدقني، إني أخاف أن يكذبون) فطلب انضمام أخيه لأنه أفصح منه لسانا.
ومن هنا نعرف أن توفر الشروط الضرورية في الشخص لا يدل على توفر جميع الشروط التكميلية فيه، وهذا ما يدعونا إلى مراعات التكامل وتعزيز روح الفريق.
لعلك تلاحظ معي أن موسى عليه الصلاة والسلام قد سلم هنا من خطأين استراتيجيين كبيرين يصاب بهما كثير من القيادات والرموز والشخصيات ومدراء الشركات والجامعات والمدارس والمعاهد في أفريقيا والدول العربية:
الخطأ الأول: اعتقادهم أن المهمة أسندت إليهم لتوفر جميع المتطلبات اللازمة فيهم، فيخيل إليهم توافرهم على الشروط الضرورية والتكميلية والتبعية، مع أنه ليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك، وبالتالي هذا يقودهم إلى عدم الإستعانة بالآخرين والإستفادة من الآراء وتفويض بعض المهامات وأمور أخرى كثيرة. وهذا خطأ استراتيجي سلم منه موسى عليه الصلاة والسلام.
الخطأ الثاني: عندما يخيل إليهم توفر جميع نوعيات الشروط فيهم، تجدهم يعتقدون باطلا أن شخصهم وشخصيتهم أهم من المهمة نفسها، وهذا يزرع في نفوسهم الغطرسة والتبختر والعنجهية، فيرى كل شيئ في ذاته، ويرى أن اسمه أصبح أهم شيئ في الشركة أو المؤسسة أو غيرها، فتجده ليس فقط لا يستشير أصحابه وأصدقاءه وشركاءه وإنما يحاول إيصال رسالة مؤلمة إليهم بأنه هو الشركة، والشركة هو، وأنه عظيمهم وكبيرهم الذي لا يعصى له أمر. ومن هنا تسقط الرسالة والمهمة التي اسندت إليهم وتنهدم المؤسسة خاوية على عروشها. أما موسى عليه السلام قد عرف أن المهمة أهم من شخصه هو ولذلك عمل على إيجاد كل ما يكون في صالح الوظيفة حتى وإن كان ذلك يتطلب توجيه الكاميرا وتسليط الأضواء على شخص آخر غيره.
فمتى يفهم مديرو الأفارقة والعرب وقياداتهم ورموزهم أن تعيينهم أو انتخابهم لا يدل على توفر جميع المتطلبات التكميلية فيهم؟ فإذا كان موسى عليه الصلاة والسلام الذي اختير من قبل رب العالمين لم يعتقد أن جيمع المتطلبات التكميلية متوفرة فيه، فكيف يظن من اختير من قبل البشر أن جميع المتطلبات التكميلية متوفرة فيه؟!!!

No comments:

Post a Comment