Thursday, June 5, 2014

هل كان الدكتور محمد الطبطبائي وزملاؤه محقين؟!!!

بعض ما ستقرأ في المقال
أفريقيا تحتاج إلى مساعدات وليس إلى أفكار؟!!!
لو كان عبد الرحمن السميط مفكرا لفشل في أفريقيا ولكنه كان طبيبا ولذلك نجح.
إلى المقالة:
حضرت قبل ثلاثة أسابيع تقريبا ندوة دعوية يقيمها الدكتور محمد الطبطبائي-  شخصية إسلامية كويتية شهيرة وعضو في هيئة الإفتاء الكويتية-  سنويا في أرجاء أوروبا، وقد قدر الله أن تقام  هذه المرة بماليزيا، لم أعرف السبب الحقيقي وراء اختيار القائمين على الندوة لماليزيا هذه المرة، ولكن –على كل حال- هذا ما وقع .
لقد حضرت الندوة بعفوية حيث كنت جالسا في احدى كفتيريات الجامعة، فصادف أن جاءني أحد أصدقائي اليمنيين الذي يربطني به علاقة الزمالة منذ مرحلة تعلم اللغة الإنجليزية وأخبرني بالندوة فانطلقنا نحوها مسرعين متحمسين، إعتقادا أن موضوع الندوة عن المالية الإسلامية وأن الجهة المنظمة هي بيت التمويل الكويتي كما أخبر الزميل، ولكن الحقيقة أنها منظمة من قبل وزارة الأوقاف الكويتية، والخطأ المعلوماتي الذي وقع فيه الزميل كان سببه أن الدكتور محمد الطبطبائي يشغل منصبا إستشاريا في بيت التمويل الكويتي أيضا.
كان موضوع الندوة عن الدور الريادي للشباب الإسلامي في ظل التحديات الراهنة في العالم الإسلامي.  وقد اصطحب الدكتور الطبطبائي معه عددا من المشايخ  سعوديين وكويتيين، تكلم كل واحد منهم في حدود عشرين دقيقة، وتحدثوا عن الشباب وأهمية تكوينهم إيمانيا وأخلاقيا وعلميا، وكذلك تربيتهم على عدم الطيش والتعجل والفوضوية في الدعوة والإبلاغ والمشاريع الإسلامية الأخرى، وقد سردوا كميات كبيرة من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأشعار العرب، وكذلك بدا من حديثهم تمعتهم بفهم الواقع وإدراكهم للتحدثات المعاصرة التي تواجه الشباب الإسلامي.
عقب إلقاء المشايخ بدأت فترة الأسئلة والمداخلات، ولم أوفق لإلقاء مداخلتي في هذه الفترة، فوقت المداخلات كانت قصيرة والفترة التي أتاحتها مدير الجلسة للمداخلات لم تسمح لأكثر من أربع تعليقات وأسئلة اثنتين للرجال وأخريتين للسيدات كما تقتضيها العادة الماليزية لتشجيع المساواة بين الجنسين.

وبعد فض الجلسة والتقاط الصور الفوتوغرافية التذكارية، جلست مع الدكتور محمد الطبطبائي حفظه الله وهو يتناول مرطباته، فقلت له: يا شيخنا قد حرمني السيد مدير الجلسة من أسئلتي ومداخلتي، فقال: أنت حر الآن تفضل بما عندك. قلت: سؤالي الأول يا شيخنا يتعلق بالثمرة العملية من هذه الندوات، هل هناك برنامج أو مشروع عملي تمخض عن هذه الندوات التي قمتم بها خلال خمس عشرة سنة؟
فأخذ الشيخ ثوان قبل أن يجيب على سؤالي – ويبدو أنه لم يعجبه التحدث عن إنجازاته تواضعا- وهنا تدخل أحد أصدقائه الدكاترة الذين حضروا معه، وقال بأن للشيخ مجلة تصدر وهي برعاية البرنامج، أعتقد سماها (اليسرى) وفي تلك اللحظة تدخل الشيخ وقال: بأنه يتوقع أنه بهذه الكلمات والمحاضرات التي تلقى في الندوة قد يهدي الله ضالا، أو يهتدي أحد الحاضرين إلى فكرة أو مشروع معين فيقوم بها، وهكذا، ثم أردف قائلا: إن مجرد حضور الناس هذه الجلسات نجاح بنفسه.
وهنا تدخلت وقلت: لا يخفى عليكم يا شيخنا أننا نعيش في عصر الشبكة العنكبوتية والعالم أصبح غرفة واحدة، وقد أصبح من السهل اليسير  إنشاء المشاريع الصغيرة والبرامج المجتمعية النبيلة المتواصلة التي تقوم على أساس ثابت في الحاضر لينطلق بكل قواها وأهدافها وآلياتها نحو المستقبل، وقد لا حظت يا شيخنا أنه من خلال كلماتكم وإلقائكم أنكم لم تطرقوا إلى شيئ عملي برنامجي منظم، ولم توزعوا حتى بطاقاتكم وعناوينكم، ولم تجعلوا لكم ممثلا ينسق بين الجهود المبذولة في الدول التي تقيمون فيها مثل هذه البرنامج، فإمكانكم مثلا أن تنشؤوا مكتبا أو لجنة تقوم بمتابعة فعاليات البرنامج وتقييمها ونشرها إعلاميا وربط الشباب بها لينظموا على هامشها بعض الورشات والنشاطات وبرامج أخرى.
فبرر الشيخ عدم قيامهم بمثل هذه الأمور بسبب سياسات الدول والجامعات والمؤسسات التي هي مرتبطة بقوانين الدولة، وأن مجرد سماح الجامعة مثلا أو المؤسسات الأخرى بإقامة مثل هذه الأشياء تعتبر شيئا مهما، حيث إنها تحتاج إلى أخذ موافقات من الجهات الرسمية، وكذلك فإن إنشاء بعض اللجان أو المنظمات أو الجمعيات بمثل هذا البرنامج يحتاج إلى بعض الإجراءات القانونية التي قد تعرقل الموضوع.
فناقشته في هذا الجانب وذلك بإيضاح ما قصدته بكلام السابق، لكن يبدو أن هذه الفكرة لم تروق كثيرا للشيخ، وبالأحرى راقت له الفكرة لكن يرى أنه يصعب تحقيقها عمليا.

ثم قلت بأن الإستفسار الثاني يا شيخنا: يتعلق بإفريقيا، يعني لا أكاد أفهم أن تمضوا خمس عشرة سنة في أوروبا ولم تزورا أفريقيا حتى لسنة واحدة؟!!!!
فتبسم الشيخ وقال: دعني أقول لك لماذا أوروبا ولييس أفريقيا. ثم قال:
أفريقيا لا تحتاج إلى أفكار وإنما تحتاج إلى البذل والعطاء والأموال وليس الأفكار، وهذا بخلاف أوروبا التي تحتاج إلى الأفكار.
قلت له: لم أفهم قصدكم بالضبط يا شيخنا.
فقال: خذ صومال مثلا. شعب واحد، لغة واحدة، دين واحد. فقلت نعم صحيح ومذهب واحد. فقال الشيخ:  ليس فقط مذهب واحد، بل إنهم جميعا يتبعون الإمام النووي. ثم قال: هل كنت تعرف أنهم جميعا يتبعون النووي. قلت لا. لم أكن أعرف هذا. فقال: هذه إضافة لك.
ثم قال: وخذ اثتوبيا التي يموت فيها الشعب جوعا، هل هؤلاء جميعا يحتاجون إلى أموال أم يحتاجون إلى أفكار؟؟؟
قلت: يبدو أن الشيخ يحصر أفريقيا في الصومال واثتوبيا،، ثم إن اعتقادي أن هذه المناطق المنكوبة تحتاج إلى الأفكار، لأن أصل المشكلة قد تكون أزمة فكرية أو عقلية أكثر منها أزمة لقمة عيش أو ملبس أو مسكن. ثم إن أفريقيا ليس كلها على مستوى واحد، وإذا كان أفريقيا تحتاج إلى الأموال والعطاء والبذل والمساعدات فيكف نفسر النجاحات التي حققها الداعية الكويتي عبد الرحمن السميط رحمه الله؟!!
وهنا ذكر لي الشيخ ما فاجأني كثيرا، فقد قال: إن النجاحات التي حققتها الشيخ عبد الرحمن السميط في أفريقيا كان سببها أنه كان طبيبا وليس مفكرا. ثم تابع يقول: لو ذهب عبد الرحمن السميط إلى أوروبا لفشل، وإنما نجح لأنه ذهب إلى أفريقيا. فأوروبا تحتاج إلى دعاة مفكرين وأفريقيا تحتاج إلى دعاة أطباء ومساعدين وغيرهم.
ولم أجد فرصة سانحة للتعليق على هذه النظرية التي يميل إليها الشيخ في القضية الأفريقية، حيث اضطروا للمغادرة.
والسؤال الذي ما زال يشغل بالي بعد هذا النقاش القصير مع الشيخ، هل فعلا نجاح الدعوة في أفريقيا مرتبط بالمال والمساعدات أكثر من ارتباطها بالحجة والبرهان؟ وهل الداعية الغني الباذل ينجح في أفريقيا أكثر من الداعية المفكر؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل علينا أن نراجع أولياتنا نحن الدعاة  الأفارقة ونهتم بكسب المال أكثر مما نهتم بتقوية أفكارنا وصلابة حجتنا، وإذا كان الداعية الغيني الأقل علما سينجح في أفريقيا من الداعية الفقير الأكثر علما فلماذا نتعب أنفسنا في التمحيط والتبحر والتنهر في العلم؟!!!