Saturday, September 27, 2014

يأكلون بها ولا يؤمنون بها (المالية الإسلامية)

في مقال له عن شهادات الإستثمار المصري لقناة السويس أشار الدكتور عبد البارى مشعل في معرض رده على بعض أولئك الذين يشتغلون في مجال الصيرفة والمالية الإسلامية والذين برزوا وكأنهم يدافعون عن شهادات الإستثمار بأنها محل خلاف بين العلماء  فقال حفظه الله في حقهم ما نصه ( إن ما يتداوله بعض المنسوبين للمصرفية الإسلامية من أن الفوائد المصرفية فيها خلاف فقهي وأنها ليست من الربا، ويريد أن يستأنس بذلك لجواز صورة متخيلة لهذه الشهادات فهذا نوع من البراجماتية المقيتة، وأطالب هؤلاء بالتخلي عن قبعة المصرفية الإسلامية والتكسب من ورائها، لأننا إذا قلنا بشرعية الفوائد المصرفية فلا داعي لكل البنوك الإسلامية)
وقبل أيام كنت جالسا مع الدكتور عذنان حسن وهو عضو اللجنة الشريعة للأوراق المالية الماليزية فسئل عن منهجية التدرج في الإقتصاد والمالية الإسلامية، وفي معرض جوابه أشار الدكتور بأنه يجب على المالية الإسلامية أن يبدأ الآن في الإرتقاء الآن بشكل تدريجي من مستوى الإقتصاد الجزئي إلى مرحلة  الإقتصاد الكلي ، ثم أردف قائلا بأن الإشكالية الواقعة في الصناعة الآن تكمن في أن العاملين في مجال المالية الإسلامية فريقان:
فريق لا يؤمن بالمالية الإسلامية ولكنه يستفيد منها، فهو لم يتشبع بروحانيتها ولم يشعر بإلهاماتها وإنما قصده الأول والأخير هو الكسب والإستفادة وجني السمعة والمال والفوائد الدنيوية الأخرى، فهؤلاء لا يقلقون على وضع الإقتصاد الإسلامي أو المالية الإسلامية وما يعانيه هذا الصناعة في مرحلة الإقتصاد الجزئي فضلا أن يهتموا بشؤونه الكبرى وقضاياه الكبرى في الإقتصاد الكلي.
وفريق يؤمن بالمالية الإسلامية ويعايشها كقضية في داخله ويستشعر عظمة الله في تصرفاته وأحكامه وأفعاله، فهؤلاء وإن أجازوا بعض التصرفات المالية كشأن مرحلي إلا أن همهم الأول والأخير هو تصفية المعاملات المالية الإسلامية من الشوائب والإرتقاء بها حتى من مستوى الإقتصاد الجزئي إلى الإقتصاد الكلي.
إن تصريحات هذين الخبيرين عن هذه القضية يدل دلالة واضحة بأن الأمر لم يعد خافيا، وأنه يشكل معضلة حقيقية للصيرفة الإسلامية، فهل يمكن أن تتقدم الصناعة دون إخلاص العاملين فيها، وتفانيهم لتقدمها، وإيمانهم الراسخ بجدارتها وجدواها وتشريعاتها وأحكامها!!!
إن فقدان روح المصرفية والإلهام الإيماني الروحاني الإسلامي لدى شريحة من العاملين في هذا المجال قد يكون هو المسؤول عن مشاكل ومعوقات شرعية وقانونية واقتصادية التي تشهدها هذه الصناعة، فالمشكلة في الصانعين وليس في الصناعة نفسها، ويؤكد على تفاقم هذه المشاكل كلها ما جاء في احدى تصريحات الشيخ صالح كامل  لصيحفة الشرق الأوسط حيث قال (المصارف الإسلامية شأنها شأن القضايا العربية والإسلامية كلها لحق بها التفرق والتشرذم والفردية والأنانية والحسد)
وإذا كنا قد وضعنا شهادات مهنية وعلمية لكل الفئات والمؤهلين للعمل في مجال الإقتصاد الإسلامي لتقييم مستواهم العلمي والمهني، فكيف يمكن تخريج شهادات لتقييم مستواهم الأخلاقي والإيماني والروحاني!!!

No comments:

Post a Comment