كتب مالك موطأه، وأعجب به أبو جعفر المنصور وأراد
أن يحمل عليه الناس جميعا، فقال له الإمام "يا
أمير المؤمنين لا تفعل هذا ، فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورددوا
روايات ، وأخذ كل قوم مما سبق إليهم وعملوا به ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم
وأن ردهم عما اعتقدوا شديد ، فندع الناس وما هم عليه وما اختار أهل كل بلد منهم
لأنفسهم . فقال : لعمري لو طاوعتني على ذلك لأمرت به"
فانظر إلى موقف هذا الإمام الجليل من كتاب ألفه
جامعا فيه أقوال النبي صلى الله عليه وسلم والمؤسس
على مذهب أهل المدينة، ومع ذلك رفض إلزام الناس به وفرضه عليهم.
وعلى الدرب نفسه نرى الإمام المطلبي الشافعي يسير،
ومن بحره ينهل، فقد قال رحمه الله بعد أن ألف كتبه التي أنارت الدنيا وملأها علما
وضياء "لقد ألفت هذه الكتب ولم آل جهدا فيها, ولابد أن يوجد فيها الخطأ, لأن
الله تعالى يقول: "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"
فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب والسنة, فقد رجعت عنه"
ونأتي الآن إلى عالم آخر لم يبلغ شأوهم، ولم يغترف
مثل غرفتهم، وليس له من الشهرة والعلم والمكانة ما عندهم، ولكن نجده عندما ألف
كتابا في القرن الرابع الهجري، يقول عن الكتاب:
"جميع
ما وصفت لك في هذا الكتاب فهو عن الله تعالى، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وعن أصحابه، وعن التابعين، وعن القرن الثالث إلى القرن الرابع.
فاتق الله يا عبد الله! وعليك بالتصديق والتسليم والتفويض والرضا بما في هذا الكتاب، ولا تكتم هذا الكتاب أحداً من أهل القبلة، فعسى الله أن يرد به حيراناً عن حيرته، أو صاحب بدعة عن بدعته، أو ضالاً عن ضلالته؛ فينجو به.
فاتق الله، وعليك بالأمر الأول العتيق، وهو ما وصفت لك في هذا الكتاب، فرحم الله عبداً ورحم والديه قرأ هذا الكتاب وبثه وعمل به ودعا إليه واحتج به، فإنه دين الله ودين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه من استحل شيئاً خلاف ما في هذا الكتاب؛ فإنه ليس يدين لله بدين، وقد رده كله، كما لو أن عبداً آمن بجميع ما قال الله تبارك وتعالى إلا أنه شك في حرف فقد رد جميع ما قال الله تعالى وهو كافر، كما أن شهادة أن لا إله إلا الله لا تقبل من صاحبها، إلا بصدق النية وإخلاص اليقين، كذلك لا يقبل الله شيئاً من السنة في ترك بعض، ومن ترك من السنة شيئاً فقد ترك السنة كلها، فعليك بالقبول، ودع عنك المحك واللجاجة؛ فإنه ليس من دين الله في شيء، وزمانك خاصة زمان سوء فاتق الله"
فاتق الله يا عبد الله! وعليك بالتصديق والتسليم والتفويض والرضا بما في هذا الكتاب، ولا تكتم هذا الكتاب أحداً من أهل القبلة، فعسى الله أن يرد به حيراناً عن حيرته، أو صاحب بدعة عن بدعته، أو ضالاً عن ضلالته؛ فينجو به.
فاتق الله، وعليك بالأمر الأول العتيق، وهو ما وصفت لك في هذا الكتاب، فرحم الله عبداً ورحم والديه قرأ هذا الكتاب وبثه وعمل به ودعا إليه واحتج به، فإنه دين الله ودين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه من استحل شيئاً خلاف ما في هذا الكتاب؛ فإنه ليس يدين لله بدين، وقد رده كله، كما لو أن عبداً آمن بجميع ما قال الله تبارك وتعالى إلا أنه شك في حرف فقد رد جميع ما قال الله تعالى وهو كافر، كما أن شهادة أن لا إله إلا الله لا تقبل من صاحبها، إلا بصدق النية وإخلاص اليقين، كذلك لا يقبل الله شيئاً من السنة في ترك بعض، ومن ترك من السنة شيئاً فقد ترك السنة كلها، فعليك بالقبول، ودع عنك المحك واللجاجة؛ فإنه ليس من دين الله في شيء، وزمانك خاصة زمان سوء فاتق الله"
والغريب أنه بعد ذكر هذا الكلام أورد المؤلف بعده
حديثا ضعيفا إن لم يكن موضوعا، فقد أورد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال
((إياكم وذكر أصحابي وأصهاري وأختاني)) وغيرها من الأحاديث، بل أورد مسائل عقدية
وفقهية غير مجمعة عليها، ومع ذلك شهد على كتابه بأنه الهدى المتبع والصراط
المستقيم!!!
رحمهم الله جميعا.
رحمهم الله جميعا.