Friday, August 29, 2014

أنت عبقري ولكن ...!!!

الحقيقة أنك عبقري مبدع ذكي وبارع، ولكنك ترضى بالعراقيل والحواجز لتعترض سبيلك، وتعوق مسيرك، عراقيل قد تعرفها وقد لا تعرفها،  وعليه أقول لك:  من اليوم ومن الآن ومن هذه اللحظة عليك أن تبدأ في التفتيش والبحث عن تلك العراقيل والمعوقات لتسيطر عليها وتزيلها وتمحوها وتقضي عليها.
 قد تكون هذه العراقيل  هي ذاتك ونفسك التي بين جنبيك والتي تقول لك بأنك أدنى من الآخرين، وأنه لا يمكنك أن تأتي بجديد، وأن المجتمع سيتخذك مسخرة حينما تعلن عن آرائك وأفكارك.
وقد تكون هذه العراقيل متمثلة في بعض أصدقائك الذين ينظرون إليك نظرة احتقارية استهتارية، وأنك ولدت بينهم وترعرت معهم فلا يمكن أن يكون الزميل الذي لعب معهم كرة القدم في الصبا أوكان يتناول معهم الشاي والقهوة والعصائر في المجالس الشبابية أو يأكل معهم العصيدة والخبز الجاف مبدعا وعبقريا، هكذا منطقهم، فعليك أن تثور على عقلهم الطفولي الصبياني، فقد تربى النبي مع أبي بكر وعمر ولم يمنعه ذلك أن يكون نبيا رسولا، وهذا ابن تيمية والشاطبي وابن دقيق العيد، وشكسبير وداروين وماركس وآدم سميث كلهم كان لهم أصدقاء تفوقوا عليهم ولم يكن يخطر ببالهم أنهم سيؤثرون في العالم وسيغيرون مجرى التاريخ.


وقد تكون عراقيلك هي مجتمعك الذي تعيش فيه، فهو مجتمع بارد غير متفاعل ولا متعطش للإبداع والإنجاز، فعليك أن تتجاهله وتثور عليه، فغاليلو وسافنوا رولا وجيردانو برنو اخترقوا المجتمع وأعلنوا عن آرائهم صراحة وخالفوا تعاليم الكنيسة ورجال الدين، فأحرق الإثنين ومات غاليلو وحيدا غريبا.

وقد تكون المعوقات هي الحزب والمذهب والإنتماءات الفكرية السائدة في بيئتك، فعليك أن لا تخضع ولا تخاف ولا تركن ولا تستسلم، فابن عبد الوهاب ثار على النمط السائد، وابن حزم تحدى المذهب الحاكم فأحرق  المالكية  كتبه ونفوه من الأرض، واليوم يعد من العباقرة الأفذاذ، وكتبه لا يستغني عنه عالم فقيه، بل – دعني أقول لك- ليس هناك أحد من أئمة المذاهب الأربعة المتبوعة اليوم إلا وقد اضطهد وعذب وضرب، فقد كان أبو حنيفة يضرب كل يوم مائة وعشر أسواط  بسبب رفض تولي القضاء، وضرب مالك على الملأ بسبب ( ليس على مستكره يمين) وقد اقتيد الشافعي ويده مكبلة بالحديد إلى مجلس هارون الرشيد لإتهامه بالخيانة ضد الدولة العباسية، أما ابن حنبل فقد كان من شأنه ما عرفه القاصي والداني، ويبكي من ذكره الصديق والعدو، فقد علقوه برجيله وبينه وبين الأرض مسافة ذراع ثم ضرب حتى أغمي عليه.


قد تكون هذه العراقيل هي دولتك والنظام الحاكم عندك فلا تخضع له فإذا كنت لا تستطيع تغييره فهاجر وأرض الله واسعة، ولا تقعد هناك فتموت وفي داخلك فكر تنويري، وعقل تجديدي، ومنطق ابداعي، فلا تستسلم وتعيش الحياة العادية فإنه من عاش عاديا مات عاديا، فذواتنا وبعض أصدقائنا ومجتمعاتنا ودولنا قد تكون هي عراقيلنا ومعوقاتنا، فابحث عن أي معوق وثر عليه وهاجمه مهاجمة العاقل الذكي المقدام، وعليك أن تعلم أن أخطر وأعظم وأشد المعوقات هي ذاتك ونفسك وعقلك وضميرك، فغيره وليكن منقطك ( نعم أستطيع، نعم ليس مستحيلا علي، نعم أستطيع ذلك بإذن الله) هكذا ستغير حياتك إلى الأبد وهكذا ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه.
إن هؤلاء الكبار الذين ذكرت أسماءهم لم يكونوا أذكى الناس في أوقاتهم ولا أعقل الناس في زمانهم، ولكنهم ثاروا على عقلهم وذواتهم، فكان عندهم الثقة بالنفس والإيمان بالمبدأ، وتجاوزوا التقليد والنمطية الروتينية السائدة، فخلدهم التاريخ، أما أصدقاؤهم الذين التزموا السكوت، وركنوا إلى الإتباع ورضوا بالسائد فلم يصبهم من المحن ما أصابهم ولكن التاريخ لم يخلدهم كما أخلدهم، وهكذا فإن الغنم بالغرم، والخراج بالضمان.
 ومن  يتهيب صعود الجبال                  يعش أبد الدهر بين الحفر

No comments:

Post a Comment