Friday, August 22, 2014

دارسوا العربية من أفريقيا والإهتمام بالقضايا العربية


 دارسوا العربية من أفريقيا والإهتمام بالقضايا العربية
لا شك أن الأفارقة يعانون شحا كبيرا تجاه الإهتمام بالموضوعات المتعلقة بدولهم وقارتهم وهذا ينطبق على الجميع، ففي أفريقيا نجد أكثر الشباب يناقشون القضايا السياسية  والإقتصادية الأجنبية كالإنتخابات الأمريكية والأوروبية مثلا، وتجدهم ملمين بأسماء الوزراء والنجوم والأبطال هناك وهم لا يعرفون عن دولهم وتاريخهم ما يستحق، وكما قلت هذا ينطبق على كثير، ولكن نصيب دارسي العربية في اهتمامهم بالقضايا العربية قد يساوي نصيب الأسد.

وعلى رغم من هذا فإن بعض دارسي العربية لديهم إفراط في طريقة دعوة الآخرين إلى الإهتمام بالقضايا الأفريقية، فتجدهم لا يفرقون كثيرا بين القضايا الإسلامية والقضايا العربية البحتة،  ويرجع هذا إلى سببين:

الأول:  النفسية الإنتقامية والعنصرية المضادة التي ورثتها عندهم الممارسات العنصرية التي مورست ضدهم من قبل  بعض العرب خلال تواجدهم في احدى دولهم.
الثاني: ضعف قدرته على التمايز بين ما هو عربي بحت، وما هو اسلامي بحت، وما هو عربي اسلامي، فتجده ينكر  على المهتمين بهذه القضايا كلها دون تمييز، بينما قد يكون إنكاره أكثر شرعية لو اكتفى على القسم الأول. أما الإسلامي العربي، أو الإسلامي البحت، فلا يجوز له الإنكار فيه.

ومن الأخطاء التي يقع فيها أكثر الناقمين - وليس كلهم- على القضايا العربية أنهم بدلا من أن يغيروا توجهات الناس من خلال المشاركات والإبداعات والتعليقات الرائعة عن القضايا الإفريقة تجدهم ساكنين ساكتين باردين عن هذه الأشياء كلها، ولكن حينما يحدث قضايا اسلامية عربية ثم يجد بني جلدته مشغولين بمناقشته يبدأ يرد ويناقش مع أن النفوس يصعب عليها تحمل مثل هذه النداءات والردود في مثل هذه الأوقات والظروف الحساسة.

ومن الملاحظات التي يجب أن ينتبه لها دعاة الإهتمام بالقضايا الأفريقية أن مصداقيتهم تكون على المحك عندما يشعرون غيرهم أن سبب دعوتهم إنما هي نتيجة لردود الأفعال واستجابة مضادة للممارسات العنصرية التي تعرضوا لها من قبل العرب، وليست فضية أصيلة مغروسة في داخلهم، فالقضية حينما تكون أصيلة نابتة عن أفعال وليس ردود أفعال تكون أكثر قبولا ومصداقية لدى المخاطبين، أما حينما يشعرون أنها نابتة عن عداوات ومواقف وممارسات قديمة بين المتخاصمين فإنهم سيشككون في مضمون الرسالة

 وهنا أقول: دعوة  الإهتمام بالقضايا الأفريقة دعوة صحيحة مشروعة ولكنها يجب أن تكون دعوة أصيلة قوية مغروسة متجذرة في نفوس دعاتها وليست دعوات ناتجة عن ردود أفعال.

وأخيرا دعوني أقول وأكرر كما أسلفت سابقا بأن اهتمام كثير من دارسي العربية بالقضايا العربية مفرطة في الحقيقة، كما أن اهتمام دارسي الفرنسية والإنجليزية في بلداننا بالقضايا الأوروبية والأمريكية قد تكون مفرطة كذلك، وسبب هذا الإفراط تعود إلى أسباب، منها:

1-         الهزيمة الثقافية التي أصبنا بها من قبل الإستعمار الغربي ومن قبل الإستعراب العربي، فانبهر المثقف المتفرنس والمتأجلز يثقافات الغرب فصار يتابع ويهتم بكل دقائقهم، وانبهر المثقف المستعرب بلغة العرب ولم يملك القدرة الكافية للتمايز بين الديني والعربي في قضايا القوم ومشكلاتهم.

2-         تداخل كثير من القضايا العربية مع الإسلام، كقضية فلسطين، ومع الجماعات الإسلامية كإخوان المسلمين، ومن هنا وفي خضم اهتمام المثقف المستعرب بهذه القضايا تجده ينجرف أحيانا إلى الإهتمام بقضايا عربية عربية بحتة لا ناقة للإسلام فيها ولا جمل، كالحرب العراقي الكويتي مثلا.

3-         كون أكثر دارسي العربية لا يتقنون من اللغات الحية إلا العربية، وبالتالي فإن متابعاتهم للصحف والمجلات والقنوات تقتصر فقط على القنوات العربية، وبالتالي فإن ما تهتم به هذه الوسائل الإعلامية تصبح جزءا من اهتمامه وثقافته، وهي التي تشكل زوايا هوجسه ومشاعره، فالذي يجيد الفرنسية أو الإنجليزية مثلا تجده يقرأ ويتابع أخبار دولته وقارته أكثر من الذي يجيد اللغة العربية فقط.

4-         أن هذا الإهتمام المفرط بالقضايا العربية أو الغربية هي نتيجة بعض المناهج الدراسية التي تربينا عليها، والتي تكرس لدينا الإهتمام بتاريخ وقضايا الأجنبي ( العربي والغربي) أكثر من قضايانا، فلو  كانت المناهج الدراسية الأفريقية أفريقية حقيقية أصيلة لما وجد عندنا هذا الهوس الكبير بالفضايا الأجنبية.

5-         أن من أسباب هذا الإفراط ما يعود إلى مؤسسة الحكم والقيادة في أفريقيا، فرجالات السياسة وقادة الحكم لم يقوموا بما يجعل كثير من أبناء أفريقيا يتشرفون ببلدانهم، فغالبا حينما تستمع إلى أخبارهم وتلفزيوناتهم الرسمية لا تجد فيها إلا  أخبارا طفولية أو محزنة أو مبكية أو مؤلمة، فهذا جعل كثير من الشباب يتقاعسون عن متابعة أخبار هذه القارة السمراء الرائعة.

6-           أنه قد يكون 90%  من الحاصلين على البكاليورس من دارسي العربية في أفريقيا من خريجي الدول العربية، وعندما تأكل وتشرب وتنام وتتعلم في بلد لمدة أربع سنوات على الأقل فإنك ولا شك ستهتم بتلك الدولة ولغتها وأهلها وقضاياها

وأخيرا أقول:
إن الإسلام أكبر من أفريقيا، كما أن أفريقيا مقدمة لدى الأفارقة على الدول العربية والغربية، وعليه فإن المسلم الأفريقي بحق سيهتم بالقضايا الإسلامية ويقدمها على جميع الإنتماءات القبائلية والمناطقية ولا فرق عنده بين أن تقع هذه القضايا في أقصى الشرق أو في أقصى الغرب، أما إذا كانت القضايا عربية بحتة أو غربية بحتة فإنه يجب الإهتمام بقارتك ودولتك أولا (الأقربون أولى بالمعروف)

وعدم الإهتمام بالقضايا الإسلامية الواقعة في الدول العربية أو الغربية خطأ فادح، كما أن الإهتمام بالقضايا العربية أو الغربية المحضة على حساب القضايا الأفريقية خطأ فاضح، والمصيب من توسط واقتصد بين هذا وذاك.

No comments:

Post a Comment