Friday, July 4, 2014

لا تحكم على الناس بمظاهرهم فقط


 
قبل شهور رأيت شخصا يحاول ارتكاب معصية كانت غاية في الشناعة والقبح فاشمأززت من الرجل وأصبحت أحمل عنه طابع الفسق والمجون، وللمفاجأة رأيت نفس الشخص اليوم وهو يقوم بالتصدق على مسكين غريب في مكان منعزل بمبلغ ثمين، وقد أعطاه إياه ثم أعرض عنه بسرعة حتى لا يراه الناس بأنه يقوم بمثل هذا المعروف، فتذكرت ساعتها قول النبي (صلى الله عليه وسلم) ( ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)
وذات يوم صليت خلف إمام في احدى المصليات المكتظة بالتجار والبائعين، فصلى بنا رجل في سكينة ووقار، وقراءته كانت غاية في روعة الصوت وجماله، وكمال الأداء وإتقانه، لا يبخس الركوع حقه ولا السجود مكياله  ولا التحيات ميزانها، فلما انصرفنا من الصلاة وكنت أتجول في السوق التقيت به في المصعد فسألته متعجبا هل أنت الذي صليت بنا المغرب، قال: نعم. والسبب من السؤال هو:
أن الرجل لم يكن واضحا من مظهره أنه من أهل الصلاة، فضلا من كونه يتقن الفاتحة فضلا  أنه من أهل إقامة الصلاة الذين يؤدونها في سكينة ووقار ووفاء بحق القراءة والتجويد.
وأتذكر جيدا أنه في السنوات الأولى من مجيئي إلى ماليزيا  جمعني وشخص حق الجوار في السكن، كانت غرفته ملاصقة لغرفتي، الرجل كان سكيتا، لا يختلط بالناس كثيرا وقلما تراه في الصفوف الأمامية في المساجد، أو تراه في الأنشطة الدعوية، بل لعل بعض من يراه  قد يعتقد من مظهره أنه إلى أهل الشر أقرب منهم إلى أهل الخير. ولكن لما سكنت بجوار الرجل لا أتذكر أنه مضت ليلة واحدة وإلا وأسمع الأنين والتضرع والصلاة والتهجد في غرفته، يستيقظ غالبا من الساعة الرابعة فيواصل الصلاة والدعاة والتضرع إلى الله إلى الساعة السادسة والنصف حيث يخرج لصلاة الفجر في المصلى المجاور.
إن الحقيقة هي أننا لا نعرف حقائق بعضنا بعضا، والحقيقة أيضا أن أهل الجنة سيتفاجؤون بوجود أشخاص معهم لم يكن يخطر على بالهم أنهم سيجاورونهم هناك لما كانوا يرون عليهم من مظاهر الشر والإبتعاد عن الطاعة، مع أن هؤلاء قد تكون هناك أمور أخرى بينهم وبين الله، لم يطلع عليها أحد، وعندما نقرأ عن المرأة التي دخلت الجنة في كلب، والرجل المجاهد الذي دخل النار للغلول في المغانم، فإننا سنعرف حتما أن هناك مفاجآت كثيرة تتنظر البشرية في يوم الميعاد.

فنسألة الله أن يصلحنا لأيامنا، ويجعلنا ممن يحسن الظن بإخوانه المسلمين. آمين.

No comments:

Post a Comment