Tuesday, July 15, 2014

كيف يمكن أن تلتحق الأمة المتخلفة بالأمة المتقدمة؟

يحاول المتخلفون من الأمم والجماعات والشركات والدول والأشخاص الإلتحاق بالمتقدمين، وفي هذه الأسطر القادمة سأحاول أن أنظّر كيف يمكن للمتخلف أن يلتحق بالمتقدم، بل كيف يمكن أن يجاوزه ويخلق بينهما مسافات طويلة.  ومع أنني ركزت على الأمة الإسلامية في آخر المقالة إلا أن هذا التنظير أو هذه الطريقة تنطبق على الشركات والبنوك والدول والأنظمة والأفراد العاديين.
في الحقيقة هناك طريقان فقط للمتخلف للإلتحاق بالمتقدم، إما أن يتبع نفس الطريق الذي سلكه المتقدم ليلتحق به، أو يبدع فيشق طريقا آخر، وبالمقارنة بين الطريقين نصل إلى النتيجية التالية:

أولا: سلوك نفس الطريق الذي سلكه المتقدم
إن هذا الطريق قد يبدو أنه الأريح والأسهل والأوضح، ولكن في نظرنا  طريق محفوف بمخاطر كبيرة، بل إن الإحتمال الكبير أن المتخلف قد لا يصل إلى المتقدم أبدا إذا استمر في اتباع هذا النهج، وذلك للأسباب التالية:
 أن المتخلف قد لا يتوافر عنده نفس العتاد والمعدات والأجهزة والمكونات والطاقة والجهد والذكاء الذي كان متوفرا عند  المتقدم، وبالتالي فإن الأمر يكون شاقا وعسيرا وقد لا يصل إلى النهاية.
أو قد تكون المعدات والطاقة والجهد متوفرا ولكن المتقدم قد يقوم بسد الطريق حتى لا يلتحق به المتخلف، وبالتالي فإن المتقدم سيبني منظومة فكرية وسياسية وعلمية وامبرالية تهدم كل محاولات اللإلتحاق الذي يقوم به المتخلف للوصول لنفس الهدف.
 وقد يكون الطريق ممهدا بالورود والأزهار ولكنه طريق قد يصطدم مع مبادئ أخرى عند المتخلف، وهذه المبادئ قد تكون دينية أو ثقافية أو اجتماعية وغيرها وبالتالي فيكون له خياران:
التخلي عن دينه وهويته اللغوية والثقافية الإجتماعية الأخرى، أو سلوك الطريق لكن عندما يصل يجد أنه قد تخلى عن كل شيئ إلا سلوك الطريق وبالتالي فعندما يصل يكون عارا عن كل شيئ إلا مبادئ المتقدم وفلسفته وعقليته وبالتالي فإنه لم يصبح شيئا بذاته وإنما فقط نسخة طبق المتقدم.

وأخيرا فإن الذي يلتحق بنفس الطريق قد لا يصل إلى المتقدم أبدا، إلا إذا توقف المتقدم عن المشي والإستمرار، أما في حين استمراره في ايدلوجياته ونظرياته وتمهيده للطريق الممتدة فإن المتخلف لن يصل إليه، لأنه بقدر ما يقطع المتخلف من مسافات للحوق بالمتقدم بقدر ما يقطع المتقدم من مسافات للوصول إلى مرحلة متقدمة، وهذا ببساطة يعني بقاء المتخلف متخلفا والمتقدم متقدما.

ثانيا: اختراع طريق جديد للإلتحاق بالمتقدم
وهذا الطريق قد يبدو صعبا ووعرا ومليئا بالتحديات والعراقيل، ولكننا نرى أنه الطريق الوحيد الذي يضمن للمتخلق للحوق بالمتقدم، وذلك لأسباب التالية:
منها الإضطراب والقلق والزعزة التي تصيب المتقدم أمام هذه الطريقة الجديدة لأنه لم يجربها ولم بختبرها ولم يعرف عنها من قبل، وبالتالي فإن الأسلحة والمعدات التي يضعها أمام فشل هذا الطريق ستبوء عاجلا أو آجلا بالفشل.
ومنها الإستقلالية والحرية وعلو الذات والثقة بالنفس التي ستمتلأ بها نفس المتخلف عندما يبدأ في طريقه الجديد للحوق بالمتقدم، فهذا الطريق طريقه فهو ليس مقلدا فيه بل هو مبدع مخترع.
وكذلك فإن هذا الطريق أضمن للمتخلف للحوق بالمتقدم، لأنه قد يكون أقصر للوصول إلى الهدف وبالتالي فقد يسبق المتخلف المتقدم للوصول إليه،  ومثال ذلك إذا كان شخص قدا اعتاد السفر من كوناكري إلى مالي عن طريق ساحل العاج مثلا، ولم تقلده بل اجتهدت فاخترعت طريقا آخر من غينيا إلى مالي مباشرة فقد تصل قبله، مع أنه خرج قبلك.
ومنها أن هذا الطريق يسلكه المتخلف مع إحتفاظه بمبادئه وهوياته وثقافته، فهو قبل أن يسلك الطريق يحاول سلوك الطريق الذي لا يستدعي انسلاخه من دينه وأفكاره ومعتقداته وايدوجياته وبالتالي فحينما يصل إلى الهدف يصل فعلا وهو نفس الشخص ونفس الشخصية دون أن يصبح نسخة طبق المتقدم، فالذي سيتغير فقط هو انتقاله من كونه متخلفا إلى كونه متقدما حقيقة.
ومنها أنه حتى في الوقت الذي لم يلتحق فيه المتخلف بالمتقدم ولكنه يحاول شق طريقه الجديد فإن المتقدم سيبقى محترما له خائفا منه متحيرا أمامه، وسيعرف أن هذا المنافس شرس مقدام ولوج، ولا يستبعد أنه سيصل إليه يوما من الأيام.
ومنها أن هذا الطريق قد يكون أرخص اقتصاديا وغير مكلف من الناحية المادية كثيرا، فالمتخلف عندما يخترع طريقه الجديد فإنه يقدر حجم قدراته المادية والإقتصادية ولا يحتاج إلى واسطات وبضائع تقليدية وسماسرة من جماعة المتقدمين، بل هذا الطريق بديع وجميل وجديد وبالتالي قد يكون أرخص بكثير.

بيت القصيد
وفي الحقيقة فاختراع طريق جديد للحوق بالمتقدم والمنافس والخصم قد يبدو صعبا ومكلفا، وقد يحتاج إلى عقول وعباقرة أفذاذ، ويحتاج إلى صبر وتفان وحلم وجهاد، ويحتاج إلى تشجيع وتنظيم واستمرارية، ولهذا كله فإن هناك أشخاصا وشركات ودول وجماعات وأنظمة وأمما لم تستطيعوا توافر هذه الشروط  ففضلوا الطريق الأول فبقوا متخلفين ساقطين منهارين، وهكذا لن تقوم لهم قائمة ولن تربح لهم تجارة و لن تنهض لهم دولة.

وبسبب صعوبة هذا الطريق وخطورة سلوكه فإن الله لم يترك الأمة الإسلامية والمحمدية هكذا بدون أن يخطط لهم هذا الطريق ويرشدهم إليه ويبينه لهم، فقد رسم الرب عز وجل قواعده وضوابطه ومعالمه، وبين أصوله وأركانه وزواياه، فبقي على الأمة أخذ المعدات والتجهيزات ثم البدء في سلوك الطريق الواضح البين، وهو الطريق الأقصر والأضمن والأثبت والأقوى، فبسلوك هذا الطريق فإن الأمة لن تلحق بالمتقدمين فقط بل ستتجاوزهم  بآلاف كيلو مترات بل مليون أميال.
قال تعالى : ( وأن هذا طراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)  ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض...)  ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا) ( لن يضروكم إلا أذى)

ملاحظة أخيرة:

نحن عندما ندعو إلى اختراع طريق جديد للإلتحاق، فلا يعني هذا بحال من الأحوال أننا نرفض الإستعانة ببعض المعدات والأجهزة والآليات والآلات والوسائل التي استخدمها المتقدم، ولكننا نرفض جملة وتفصيلا بناء تنافسنا ولحوقنا على نفس المبادئ والأصول والأركان والمعتقدات والفلسفات والأيدلوجيات التي بنى عليها الفريق المتقدم مسيرته ورحلته، لأن هذا معناه أننا لن نصل أبدا، أو نصل عراة حفاة منسخلين.

No comments:

Post a Comment