Thursday, March 29, 2012

هل تبقى القارة السوداء هي القارة المظلمة؟!!


بعد قرابة مائة وخمسين سنة من اكتشاف توماس أديسون للكهرباء، وبعد خمسين سنة من الإستقلال ، ومع وجود كل الإمكانيات والمصادر الطبيعية، تبقى القارة السوداء هي القارة المظلمة!!
ويبدو أن المشكلة ليست قريبة من الحل، فحسب تقرير البنك الدولي فإن القارة تحتاج إلى ترصيد 40 مليار دولار كل سنة خلال عشرين سنة القادمة  من أجل الحصول على الطاقة الكهربائية الكافية. وحاليا تنفق الدول الأفريقية مجتمعة 11 مليار دولارفقط من أجل القضاء على الظلام.



وفي عام 2009 أفاد تقرير الوكالة الدولية للطاقة أن 587 من سكان جنوب الصحراء الكبرى والبالغ عددهم 800 مليون نسمة لا يحصلون على الطاقة الكهربائية.
اليابان التي خاضت حربين كبيرين مع الصين، وتم تفجير أراضيها بالأسلحة النووية  الأمريكية ، في الحرب العالمية الثانية ، والذي أدى إلى قتل أكثر من 150ألف  شخص في يوم واحد، تستهلك هي وحدها 7% من الطاقة العالمية، وتصل الناتج الإجمالي المحلي إلى أربع تريليون وثلاثمائة وتسع مليون دولار، أما أفريقيا الحبيبة فتستهلك ما نسبته 3% فقط من الطاقة  العالمية، والناتج الإجمالي المحلي لا يتجاوز تريليونين دولار، مع أن نسبتنا تصل إلى 13% من سكان العالم، ونشغل  15% من مساحة الكرة الأرضية.
والمفارقة الكبرى هي: أن مصادر الطبيعية للطاقة يزيد على حاجتنا، حيث تصل إحتياطياتنا إلى 7،1% من النفط، و7،5% من الغاز، و10،6 من الفحم، و13% من الطاقة الكهرمائية من إحتياطي العالم. والواقع أنه بإمكاننا تصدير معظم أنواع الطاقة من المائية والحرارية والشمسية وحتى الريحية. وأكبرها وأنظفها وأرخصها هي الطاقة المائية وهي عندنا بغزارة، فعندنا نهر السنغال، نهر الكونغو، والنيجر، ودلتا العليا وزمبيزوغيرها، فالسؤال المطروح الآن أين المشكلة وما هو الحل، أما المشكلة فهنا:

1- عدم وجود تخطيط جيد ومناسب للقضية، فبعض الحكومات يهرولون إلى الخصخصة، والبعض الآخر إلى التأميم، والبعض يتخذون مذهب التوقيف.
2- عدم تخصيص ميزانية كافية شافية لمعالجة القضية، فالمعالجة تستدعي ميزانية ضخمة وكبيرة، وليست الميزانيات الضيئلة  التي تستخدم أحيانا لشراء الأصوات الإنتخابية.
3-  ليس هناك خطة لحماية المشاريع التي تم قيامها ولا يوجد إهتمام لصيانتها، ولذلك تجد كثيرا من المصابيح الكهربائية التي أقيمت في الثمانينات والتسعينات ذهبت أدراج الرياح.
4-  سرطان الرشوة المستفحل في جسم الأجهزة الإدارية والحقائب الوزارية، حيث إن غالب الميزانية المرصدة لمشاريع الطاقة تمشي في جيوب الوزراء الذين لا تردعهم وازع ديني، ولا محاسبة قضائية.
5-  عدم تعاون دول الجوار والحكومات لوضع مشاريع بينية، وبرامج إقليمية للنهوض بالطاقة الكهربائية.
 الفقر المدقع المستشري في القرى والمدن حيث لا يستطيع غالب المواطنين أن يسددوا الفواتير، والرسومات، وبعض أحبائنا لا يتصورون أن مثل هذه الأمور قابلة للسداد أصلا.

الحلول المطروحة:
بعد القضاء على الرشوة والفساد الإدراي، يجب مراعاة الأمور الآتية:
أولا: يجب تخصيص ميزانية ضخمة وقوية للبنى التحتية وخاصة الكهربائية، فإن الأرقام تشير إلى أن الدول الأفريقية تخصص لقطاع الطاقة أقل 5.1% من ميزانيتها، في حين أن المردود الإقتصادي للطاقة سيرتفع إلى 10% لو حصلت الدول على الطاقة الكافية.

ثانيا: لا يجوز إتباع النموذج الكميروني، فكاميرون قام بخصخصة الشركة المملوكة للدولة إثر الأزمة المالية التي ضربت البلاد، ومع أن الدولة كانت تملك 44% من أسهم الشركة فإن الإدارة 100%كانت تحت الشركة الأم الخاصة الأجنبية، وهذا بخلاف الأمر في ساحل العاج وغانا وكينيا والدول الأخرى، وقد تم وصف النموذج الكاميروني بالفشل الذريع.

ثالثا: يجب مشاركة الرأي العام في النقاش، وتزويد وسائل الإعلام والصحافيون والأكاديميون بكل القرارات التي تتخذ في هذا الشأن، وتزويد المجتمع بالمعلومات الكافية عن الشركات التي تمنح ترخيصا لهذه المشاريع، والإعلان عن جميع الإتفاقيات بين الحكومة والشركة من الأسعار، والتعرفة الجمركية، وغيرها. وإقامة لجنة محاسبة للقائمين على مشاريع البنية التحتية.

رابعا: الطاقة الكهرمائية هي الأرخص، والأنظف وأكثر الدول الأفريقية تستخدمها، وهي تشكل 70% من الطاقة الكهربائية في أفريقيا، ولكن غالبا ما تواجه بعض الدول مشكلة الجفاف وخاصة في فصل الصيف، فعليه يجب النظر في بعض البدائل أيضا وإن كانت غالية كالطاقة الشمشية والنووية وغيرها.

حلول إسلامية :
إذا افترضنا أن الدول الإسلامية والأفريقية أرادت إصلاح مؤسسات الطاقة ، والبنى التحتية الأخرى من الماء والطرق والمباني الحكومية والمواصلات وبناء المواني والمطارات، فإن أمامها حلولا كثيرة شرعية منها على سبيل المثال:
أولا : إذا كانت الدولة غنية وعندها القدرة المالية الممكنة لبناء البنى التحتية فيجب عليها القيام بذلك لأنها على الأقل أصبحت من الحاجيات التي لا تصلح حياة الناس إلا بها.
وإذا كانت الدولة فقيرة فلا بأس أن تفرض على الناس رسوما على هذه الخدمة، ومثل هذه العقود تسمى عند القانونين ب ( عقود الإذعان) وقد أبدا منظروا الفقه الإسلامي موافقتهم على هذا العقد بشرط أن لا يجحف الرسوم بحقوق المواطنين.

ثانيا: إذا أرادت أية دولة إسلامية الأخذ بطريقة الخصخصة فإن الشريعة لا تحرم ذلك ، فصيغ (تمويل المشاريع) بأصنافها المختلفة(
BOT- BOOT-BOL-BOO) كلها مقبولة شرعا بشرط تغيير طريقة تمويل البنك فيها إلى صيغة أخرى من الصيغ الشرعية، كالمضاربة، والمشاركة أو الإجارة، وأحسنها هنا الإستصناع. وقد استخدمها بعض دول أفريقيا الغربية في التسعينات – الطريقة التقليدية طبعا-

ثالثا: تقدم الشريعة أدوات أخرى لتمويل المشاريع الكهربائية والبنى التحتية الأخرى ، حينما تكون هي عاجزة عنها، ولا تتوفر لديها التدفقات النقدية، فيمكنها القيام بما يسمى بصكوك الإستصناع، وصكوك الإجارة المنتهية بالتمليك، وصكوك الإجارة الموصوفة في الذمة.
ثالثا: يمكن استخدام الصناديق الإستثمارية الإسلامية، لتمويل مثل هذه المشاريع، والصناديق الإستثمارية عبارة عن قروض مجمعة من مستثمرين مختلفين، من قبل إحدى المؤسسات المالية أو البنوك، ويتم تمويل السدود الكهربائية بها، والمؤسسة المالية تفرض رسوما على تقديم الخدمة إلى الجمهور لسنوات محددة تتفق هي والحكومة عليها، فإذا انتهت السنوات ترجع المشروع إلى ملكية الدولة.

بعض الأخبار السارة
أولا: جميع المؤسسات الإقتصادية العالمية تعتمد القول بأن أفريقيا تشهد نموا اقتصاديا ملحوضا لا تقل عن 5% بالمائة خلال خمس سنوات الماضية، مما جعل البعض يعتقد أن أفريقيا هي صين العالم بعد 2020
ثانيا: بدأت الدول فعلا في التعاون فيما بينها لبناء السدود الكهرمائية الكبرى ، وهناك تكتلات وجهود ثنائية في كل منطقة وإقليم، وقبل أسبوع إجتمع رؤساء أربع دول غرب أفريقيا وهي ساحل العاج، ليبريا، سيراليون ، غينيا للتباحث فيما بينهم على إقامة سدود كهرمائية كبرى بملبغ 350 مليون دولار. وهناك خطة جاهزة الآن تم إقرارها من قبل البنك الدولي والإتحاد الأفريقي على تنوير أفريقيا لعام 2020 وقد صمم البنك الدولي موقعا خاصا لذلك ويمكنكم الإطلاع عليه في الأسفل.
ثالثا: هناك تعاون مشترك مع اليابان، والهند، والصين ، وقد تعهد العملاق الأسيوي بالقيام بتدريب عشرة آلاف خبراء أفارقة على طريقة إستخدام الطاقة الكهرمائية والتعاطي معها، ومعروف أن الصين تتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال( الكهرمائية)



No comments:

Post a Comment