Monday, October 14, 2013

فقه دعاء يوم عرفة

توقفت عند قول النبي (صلى الله عليه وسلم) " أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيئ قدير" حسنه الألباني.
فعندما نلاحظ نجد أن هذا القول الذي قاله النبي والنبيون قبله هو ذكر في حقيقته وليس بدعاء مسألة، إذا فلماذا لم يكن أفضل دعاء قاله النبي والنبيون قبله هو دعاء مسألة، يعني لم يأت على صيغة طلب مثل "اللهم ادخلني الجنة، اللهم انصرني ، اللهم افعل لي كذا وكذا"؟؟؟
الظاهر أن الأدعية الكبرى كلها أو المواقف الصعبة أو المناسبات المهمة تأتي أكثرها على صيغة الثناء على الله وليس الطلب منه، وحتى إن تضمنت الطلب فإنها تكون مصحوبة بصيغة الإنكسار وإظهار العجز أمام الله عز وجل، فمثلا لما أكل آدم عليه السلام من الشجر قال: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" فهذا ليس طلب محض وإنما إظهار العجز والضعف أمام الخالق عز وجل.
ولما تعاطف نوح مع ابنه وأراد أن يركب معه في الفلك وعتبه الله على ذلك قال نوح عليه السلام : " رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم، وإن لم تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين" هنا أيضا إظهار العجز والضعف.
ولما دخل يونس في الحوت، قال " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" هنا الثناء على الله وإظهار العجز والضعف.
ولما قيل للناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فقالوا : "حسبنا الله ونعم الوكيل" فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء. فاستعاذوا بقدرة الله وجبروته وأظهروا عجزهم وضعفهم.
فالدرس الذي نستفيده من قول النبي (صلى الله عليه وسلم) أن أفضل دعاء في يوم عرفة هو " لا إله إلا الله وحده لا شريك له.." هو أننا كلما أثنينا على الله بما هو أهله، وكلما أظهرنا عجزنا وضعفنا أمامه، وكلما كان لساننا رطبا بذكره وتعظيمه وإجلاله كلما كان ذلك أدعى لحصولنا على طلبنا وقضاء حوائجنا واستجابة دعواتنا منه عز وجل.
وقد جاء في الحديث : " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين" والحديث فيه مقال.
وهذه القاعدة العامة التي ذكرتها قد يستثنى منها بعض المناسبات كدعاء ليلة القدر مثلا، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة أن تكثر من قول: " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" وهذا دعاء مسألة.

No comments:

Post a Comment